قصيدة الشرف الرفيع
أرى العنقاء تكبر أن تصادا
فعاند من تطيق له عنادا
وما نهنهت عن طلب ولكن
هي الأيام لا تعطي قيادا
فلا تلم السوابق والمطايا
إذا غرض من الأغراض حادا
لعلك أن تشن بها مغارا
فتنجح أو تجشمها طرادا
مقارعة أحجتها العوالي
مجنبة نواظرها الرقادا
نلوم على تبلدها قلوبا
تكابد من معيشتها جهادا
إذا ما النار لم تطعم ضراما
فأوشك أن تمر بها رمادا
فظن بسائر الإخوان شراً
ولا تأمن على سر فؤادا
فلو خبرتهم الجوزاء خبري
لما طلعت مخافة أن تكادا
تجنبت الأنام فلا أواخي
وزدت عن العدو فما أعادى
ولما أن تجهمني مرادي
جريت مع الزمان كما أرادا
وهونت الخطوب علي حتى
كأني صرت أمنحها الودادا
أأنكرها ومنبتها فؤادي
وكيف تنكر الأرض القتادا
فأي الناس أجعله صديقا
وأي الأرض أسلكه ارتيادا
ولو أن النجوم لدي مال
نفت كفّاي أكثرها انتقادا
كأني في لسان الدهر لفظ
تضمن منه أغراضا بعادا
يكررني ليفهمني رجال
كما كررت معنى مستعادا
ولو أني حبيت الخلد فردا
لما أحببت بالخلد انفرادا
فلا هطلت علي ولا بأرضي
سحائب ليس تنتظم البلادا
وكم من طالب أمدي سيلقى
دوين مكاني السبع الشدادا
يؤجج في شعاع الشمس نارا
ويقدح في تلهبها زنادا
ويطعن في علاي وإن شسعي
ليأنف أن يكون له نجاداً
ويظهر لي مودته مقالاً
ويبغضني ضميراً واعتقادا
فلا وأبيك ما أخشى انتقاصا
ولا وأبيك ما أرجو ازديادا
لي الشرف الذي يطأ الثريا
مع الفضل الذي بهر العبادا
وكم عين تؤمل أن تراني
وتفقد عند رؤيتي السوادا
ولو ملأ السهى عينيه مني
أبر على مدى زحل وزادا
أفل نوائب الأيام وحدي
إذا جمعت كتائبها احتشادا